هل عندما يوجه إلى أى مسلم سؤال: «لماذا يصوم»؟، هل ستكون إجابته: «لأن الصوم يزيد من كفاءة العضلات ويحسن الغدد الليمفاوية»؟!!، المسلم يصوم لأن الصيام فريضة لها مبرر روحانى وليس مبرراً طبياً، ولكن البعض ما زال مصراً على بيزنس الإعجاز والتسويق للصيام بصفته معجزة طبية وليس معجزة روحية؛ لذلك لم أندهش مما قاله د. عبدالباسط سيد فى أخبار اليوم بالأمس، وهو بالمناسبة خريج كلية زراعة وباحث بالمركز القومى وليس طبيباً ولكنه يعرف نفسه بالمتخصص فى الطب النبوى؛ لكنى اندهشت من كم المغالطات الطبية التى ذكرها على لسانه والتى تضر الدين أكثر مما تنفعه؛ لأنها تفتقر إلى ألف باء البحث العلمى، ولكنها الرغبة الحميمة التى تتلبس البعض باثبات بأننا أفضل البشر حتى ولو كانت تلك الرغبة عبر كلام ينتمى إلى عالم الأساطير والأوهام، وللأسف ينطلى هذا الكلام على الناس ومنهم حاصلون على دكتوراهات ممن يفكرون بالتمنى لا بالواقع.

يقول د. عبدالباسط سيد الذى أتحفنا من قبل باختراع القطرة القرآنية التى تشفى المياه البيضاء والتى اتضح بعد ذلك أنها وهم، فى ملحق الأخبار صفحة 14 يقول: «كفاءة الأداء العضلى تزداد أثناء الصيام بنسبة 300%!!، وتتحسن حصيلة ضغط الدم مضروبة فى سرعة النبض بمقدار 12»، وأتساءل: لماذا لم يستخدم مدربو السباحة والجرى فى الأولمبياد هذه المعلومات الطبية المذهلة فى إجبار كل الأبطال على الصيام لكى تزيد كفاءتهم العضلية ثلاثة أضعاف!!، المشكلة أننا نستقبل أى كلام يقال فى مؤتمر يجامل البعض تحت اسم الإعجاز العلمى على أنه بحث علمى، ولنتساءل: هل تم النشر فى مجلة علمية محكمة؟، هل اتبع الباحث كافة الإجراءات العلمية المنضبطة ومقارنة المجموعات فى بحثه؟، من الممكن أن يقدم يهودى بحثاً عن تأثير الطاقية اليهودية على الدورة الدموية للدماغ؟، أو يعرض مسيحى بحثاً عن أثر التعميد على حماية الجسم من الأمراض الجلدية؟، ويقيم كل منهما مؤتمراً كبيراً عن الإعجاز فى التوراة والإنجيل كما يفعل عندنا أتباع الدكتور زغلول النجار، ولكن المهم هل هذه الأبحاث معترف بها علمياً أو تنتمى أصلاً للطب القائم على الدليل؟، للأسف لا.

يستكمل د. عبدالباسط غزواته العلمية ويعلن أن الصيام يحسن المؤشر الوظيفى للخلايا الليمفاوية عشرة أضعاف، ويشفى الروماتويد ويساعد على التئام قرحة المعدة!!، وما زلت لا أعرف من أين أتى د. عبدالباسط بهذا الكلام وما هى دلائله وبراهينه العلمية؟، العكس هو الصحيح ولكن ما دام الزبون منبسطاً منشكحاً من هذه المعلومات التى تدغدغ أحاسيسه الدينية وتدلك كبرياءه الطائفى فكل شىء مباح مستباح!!.

أما ثالثة الأثافى وكبيرة الكبائر فهى ما قاله عن علاقة الصيام بالكلى، قال لا فض فوه: «الصيام يقى الجسم من تكون حصوات الكلى إذ يرفع معدل الصوديوم فى الدموع فيمنع تبلور أملاح الكالسيوم»!!، وهو كلام ولا فى الدموع ولم أقرأه حتى فى مجلة البعكوكة!، فمن المعروف أن المريض القابل لتكوين الحصوات يمنعه الأطباء من الصيام، يعنى من لديه استعداد، فما بالك بالمريض، وما هى علاقة صوديوم الدموع بحصوات الكلى وبلورات الكالسيوم؟!، إنه خيال يتفوق على خرافات ألف ليلة وليلة، وذنب هذا المريض الذى سيتلوى من مغص الحصوة فى رقبة من يا دكتور عبدالباسط؟

أرجوك ارحمنا يا دكتور عبدالباسط من غزواتك العلمية وفتوحاتك الطبية وماتبسطهاش أكتر من كده على رأى عبدالسلام النابلسى حسب الله السادس عشر عندما استحم بحلة الملوخية!.